أطفالنا و صراع القراءة والكتابة …
كثيراً ما تتوارد عبارة “ طفلي طلع يقرأ ويكتب” بين الأمهات في المجالس والاجتماعات، خاصة عندما يأتي الحديث عن أفضل روضة و أحسن مدرسة، ومن هي أفضل معلمة وو.
كلٌ منا يتمنى أن يكون أطفاله متميزين، ناجحين ومتفوقين، ولكن، لماذا يُربط دائماً النجاح بقدرة الطفل المبكرة على القراءة والكتابة! ماذا لو رأينا هذا الموضوع من جانب علمي تقوم عليه افضل ممارسات الطفولة المبكرة و مخرجات هذه المرحلة الهامة في حياة أطفالنا.
الاستعداد النمائي، الانسان بطبيعته خلقه الله بقدرات وامكانيات عاليه تتطور خلال مراحل حياته، ولانعني هنا الاستهانه بإمكانيات الطفل، بل بالعكس، أظهرت ابحاث الدماغ مؤخراً بأن وصلات دماغ الطفل في السنوات الخمس الأولى من حياته تعمل بشكل أكبر من أي وقت آخر، إذ يتشكل من ٧٠٠ الى ١٠٠٠ اتصال عصبي جديد كل ثانية، بالتالي يزيد نشاط الدماغ وقدرته على نقل واسترجاع المعلومات بشكل كبير جداً. وحسب دراسات مركز هارفرد للطفولة المبكرة. فإن الخبرات الايجابية التي تُقدم للطفل في السنوات الأولى تحفز الدماغ للتعلم واكتساب المهارات وهذة فرصة ثمينة يجب الاستفادة منها. يعتمد تعلم القراءة والكتابة في مرحلة الطفولة على عدة جوانب نمائية مترابطة وهي مايجب التركيز عليه، منها النمو الادراكي، وهي قدرة الطفل على تحويل الحروف من رموز الى أصوات وتراكيب تأتي ضمن سياقٍ له معنى. كما يحدد الجانب الجسدي ومدى تطور العضلات الدقيقة (عضلات اليد والاصابع) مع قدرة الطفل على إمساك القلم والتآزر الحركي البصري استعداد الطفل للكتابة، وهذه تكتمل بالتدريج حتى الست سنوات أي قبل دخول الطفل المرحلة الابتدائية، كما انها تختلف بين الاطفال فالنمو في هذه المرحلة سريع ومتفاوت ومتداخل.
النمو اللغوي للطفل مهم جداً بل هو الأساس، إذ ترتبط مهارات الكتابة باللغة السردية، وتتطور مهاراتهم القرائية باستخدام اللغة التفسيرية والكتابية ومعرفتهم بتراكيب الكلام وقواعد اللغة. أيضاً يجب أن لانهمل الجانب الاجتماعي العاطفي، فلنظرة الطفل لذاته وتفاعله الايجابي مع أقرانه ومع الكبار دور أساسي في قابليته للتعلم وبالتالي يقوم بتحفيز الدماغ، ليس ذلك فحسب، بل اثبتت كثير من الأبحاث علاقة النمو الاجتماعي العاطفي لطفل مرحلة ماقبل المدرسة بالتفوق الاكاديمي والنجاح في حياته المستقبيلة.
قد يستغرب البعض عندما يعلم أن تعلم القراءة والكتابة يبدأ من الميلاد وهذا ما يسمى ب “ القراءة والكتابة الناشئة” وهي مهارات تسبق تعلم الطفل للمهارة الكبرى وتقود لها بالتدريج حسب المرحلة العمرية، مثلاً: خربشة طفل السنتين تعتبر مهارة كتابة ناشئة تقود لتعلم الكتابة، وتظاهر طفل الثلاث سنوات انه يقرأ قصة مألوفة ثم يُسمي المحتوى ويصفه هي
أحدى مراحل القراءة الناشئة.
لماذا لاتكون نظرتنا لاطفالنا أعم وأشمل من مجردحروف وكلمات، لماذا لانرى نقاط قوتهم ومهاراتهم التي يتميزون بها ونعززها لهم، لماذا لا نفخر بأطفالنا اذا رأيناهم يتبعون استراتيجيات ناجحة لتكوين صداقات جديدة أو طرق ابداعية في حل مشكلاتهم بانفسهم.
وخلاصة ذلك، إن الاستعجال في تعليم الطفل القراءة والكتابة قبل ان يصل لمرحلة الاستعداد النمائي الطبيعي يؤدي لأضرار نفسية بالغة، أو قد يتطلب إجبار الطفل للجلوس والتعلم لفترات طويلة وذلك يتنافي مع طبيعته الحركية وفترة الانتباه العمرية وبالتالي يُحرم الطفل من احتياجاته الاخرى كاللعب والاكتشاف والتفاعل الاجتماعي.
عزيزتي الأم.. عزيزي الأب
تذكروا دائماً اننا في النهاية نريد ان ننشئ أطفالاً سعداء أصحاء…..
============================
:كتابة
سمر محمد الصايغ
إنماء التعليمية
s.sayegh@inmaedu.com
سمر محمد الصايغ
إنماء التعليمية
s.sayegh@inmaedu.com
لمتابعة حساب إنماء الطفولة على تويتر: @inmaecd
جميع الحقوق محفوظة لإنماء التعليمية 2018
تعليقات
إرسال تعليق